الثلاثاء، 19 مارس 2013

انقسام الإمبراطورية العمانية
بعد فترة حكم بلغت نحو نصف قرن من الزمان وعهد تميز بالرخاء والانجازات في شتى الميادين رحل السيد سعيد بن سلطان او كما تذكره المراجع الغربية " سعيد الكبير " حيث توفي على ظهر سفينته " فيكتوريا" وذلك أثناء رحلة العودة من مسقط باتجاه زنجبار ،قريبا من جزر سيشلفي التاسع عشر من أكتوبر 1856 م، ويصف س.ب.مايلز وفاة السيد سعيد بقوله :" وهكذا اختتم السيد سعيد حياة حافلة رائعة، وكان له من العمر ستة وستون عاما وسبعة أشهر، وبعد حكم دام خمسين عاما. لقد كان السيد سعيد مثالا للبطل العربي. لقد كان شجاعا، اظهر في مرات عديدة بسالة نادرة. لقد كان حكيما وذكيا، كريما، جليلا، كان يحبه كل شعبه، وقد حفر له في قلب كل منهم صورة عظيمة، ولقد اظهر في تعامله مع القبائل العربية حذقا وفطنة لم يعرفهما غيره. ويستطيع ذلك السلطان العربي ان يفخر انه كان أول حاكم عربي اعطى السلم لشرقي أفريقيا، ؤانه بتشجيعه للتجارة وحمايته لها، جعل من عاصمته هناك مركزا تجاريا بين الهند، وفارس، والجزيرة العربية، وبذلك زاد من ثروة بلاده.وقد كانت وفاته نقطة تحول خطيرة في تاريخ هذه الإمبراطورية العملاقة والسبب الأساسي في ضعفها وانقسامها بعد ذلك. فبعد وفاة السيد سعيد بدأ الخلاف يدب بين ابنائه حول من يخلفه، حيث لم يشر السيد سعيد في وصيته عمن سيخلفه في الحكم وانما اكتفى أثناء حياته، بتعيين اثنين من أنجاله كنائبين عنه على شطري امبراطورتيه بشقيها الآسيوي والأفريقي ،فقد عين ابنه الأكبر ثويني كنائب عنه في مسقط أثناء غيابه بينما كان ابنه ماجد نائبا للسلطان في زنجبار وقد قام الصراع بين الأخويين عقب استفراد ماجد حاكم زنجبار بثروات الجزيرة لنفسه واصدار ثويني حاكم عمان اعلان عام 1856 م والذي اكد فيه انه الحاكم الفعلي والشرعي لجميع ممتلكات عمان بما فيها إقليم زنجبار، وتفاقم الصراع بين الأخوين حتى جرد ثويني حملة عسكرية لمواجهة أخيه في زنجبار إلا أن الإدارة البريطانية في الهند اوقفت الحملة ودعت الأخوين إلى عرض المشكلة للتحكيم وٕاستدعى الأمر تشكيل لجنة تحقيق سنة 1861 م برئاسة اللورد كاننج ،ووافق الأخوان على ان تكون توصيات اللجنة ملزمة للطرفين وٕانتهت اللجنة إلى اتخاذ قرار – على سياسة فرق تسد-يقضي بتقسيم الإمبراطورية العمانية إلى جزٔاين منفصلين اسيوي وٕأفريقي كما اقرت اللجنة بأن يدفع ماجد مبلغا لأخيه ثويني قدره 40 الف ريال نمساوي سنويا، إضافة إلى الأقساط المتأخرة التي بلغت ثمانين الف ريال نمساوي. وتم تعيين الملازم بنجلي من البحرية الهندية كمسؤول سياسي بريطاني في مسقط ،وذلك لأجل تنفيذ قرار التقسيم. وقد عانت الدولة العُمانية من جراء انفصال شرق أفريقيا وهيمنة المصالح الاستعمارية على المنطقة من مصاعب اقتصادية كبيرة. لكن ظروف التنافس الاستعماري الأنجلو- فرنسي ساعد عُمان على البقاء دولة مستقلة، حيث تم التأكيد على استقلال عُمان بالبيان الفرنسي البريطاني أو ما عرف ب"التصريح الثنائي" الذي اصدرته الدولتان في مارس 1862 م والذي نص على ان ملكة بريطانيا وٕامبراطور فرنسا يؤكدان على اهمية بقاء عُمان دولة مستقلة. وبذلك انتهت اعظم دولة عمانية عرفها التاريخ الحديث، وظلت عمان تعاني من الاضطرابات والانقسام وتردي الأوضاع الاقتصادية لأكثر من قرن من الزمن حتى تولى حكمها السلطان قابوس بن سعيد في 23 يوليو 1970 م. الذي نقل عمان من معيشة العصور الوسطى إلى العصر الحديث.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق